من يقوم بترتيب ترندات الميديا

مدين ياسر:
⭕ من يرتب (تريند) السوشيال 
ميديا ?!! 
( رشدي الجلابي )
 ٲنموذجاً !!

كتب :عصام الحكيم 

اخطر مافي منصات السوشيال ميديا بمختلف انماطها وانواعها وتطبيقاتها انها اصبحت منصات منزوعة القيود والرقابة فيما يتعلق بالنشر والعرض والترويج والانتشار .. ولذلك فان الصعود لهذه المنصات واعتلاءها والسيطرة عليها والتحكم في اتجاهاتها لايرتبط بسطوة النفوذ واحكام القانون واداب اللباقة والذوق العام كما انها غير خاضعة لقيود الرقابة القبلية والبعدية وليست آبهة لحدود المنطق ومدي استنارة الفكرة وجدوي الطرح المقدم .. 

 بمعني ان المتلقي في العملية الاتصالية التقليدية في ظل ثورة الانقلاب التكنولوجي الخارقة يمكن ان يكون هو نفسه القائم بالاتصال بينما يصبح القائم بالاتصال مجرد متلقي ومستهلك للرسالة بعد انهيار الكثير جدا من نظريات وقيم علوم الاتصال وزوال الحواجز والمتاريس التي كانت تفصل جمهور المتلقين عن المرسلين حسبما ماتاسست عليه تقنيات العملية الاتصالية في وسائل الاعلام الجماهيري التقليدية ..  

وعليه فان من يتحكم في ترتيب اجندة منصات السوشيال ميديا هي ثقافة ورغبات وميول واهتمامات جمهور المتلقين فيها وليس القيم المهنية الحاكمة للرسالة الوثيقة بعملية الاتصال ..

ولذلك من الممكن ان يتصدر ( تريند) منصات السوشيال ميديا احداث وقضايا وظواهر وابطال ونجوم تم اختلاقها وتضخيمها وتنميطها قسرا بحكم اتساع دائرة الاهتمام والاثارة والمتابعة الهائلة التي صنعتها في اوساط مجموعة مؤثرة ذات مفاهيم ثقافية محدودة ومتجددة بعضها مكتسب والاخر مستلب ..

كثير جدا من احداث وقضايا منصات السوشيال ميديا لاتحمل اي قيمة ثقافية او اجتماعية او اخلاقية او انسانية ولذلك تصبح مجرد قضية للاستهلاك كما ان كثير من ابطال ونجوم هذه المنصات يتحولون برغبة البعض الي مجرد دمية وهمية او روبوت آلي للتلهي والتسلي في يد من صنعوها وقدموها لجمهور المنصات للتعبير عن اهواءهم ورغباتهم بعد ان وظفوها كمرآة وهمية خادعة تصدر للاخرين بعض مما يحتفون به من ثقافات ومعتقدات وافكار .. ولذلك فرضو هذه ( التريندات ) كإحدي الاجندة الانصرافية التي وجدت حظها من التسويق والترويج والاحتفاء في عالم الميديا المهووس بكل ماهو جديد ومختلق ومستحدث وكاسر للتقليد ومثير للانتباه ..

اخر النجوم السواطع واللوامع الذين اعتلوا منصات السوشيال ميديا هو الصبي اليافع احمد الرشيد الزبير الذي اشتهر في الميديا ب ( رشدي الجلابي ) .. 

احمد فتي ودود ولطيف بسيط وعفوي يحمل شخصية مرحة وبشوشة ومؤانسة خرج من مسقط راسه بقري منطقة تمبول كغيره من الصبايا والشباب الطامحين بالسودان في كسب الرزق الحلال والبحث عن فرص عمل واعدة في مدن السودان المختلفة .. 

بسرعة الصاروخ وبمحض الصدفة تلقفته منصات السوشيال الميديا فبدا التنقل فيما بينها واعتلاها تباعا حتي انساق معها بمصعد كهربائي فتربع علي عرشها كنجم استثنائي متوج ومحتفي به بين الكثير من الاوساط حث فاصبح ضيفا فوق العادة في صوالين اهل الطرب ونجما محببا علي المقاهي والكافتيريات وراعيا حصريا للاعلان والترويج في عالم التجارة والبيزنيس ومغنيا مطلوبا للمشاركة في الحفلات والمناسبات العامة بعد ان نافس وناهز بشهرته نجوم واساطير الميديا من اهل الفن والطرب والرياضة .. 

قفز احمد بفعل سحر الميديا من كبسولة واقعه الُمٌْعاشِ كعامل (درداقة) الي برج احلامه العاجي كمٌشِرَوَْع لُجلابي يتطلع لامتلاك احدث الموديلات وَسِكِنَ افٌَخمٌ الُثُرَايَا وَتْزُوَجْ اجْمٌلُ الُحُسِنَاوَاتْ .. 

 تلاشت وذابت شخصية احمد الرشيد الحقيقية في تريند رشدي الجلابي وبدات تتراءي وتتراقص احلامه امام عينيه حتي الهته عن كل شيء ووقع تحت تاثير سطوة حلمه الموعود والمزدان بزهو فلاشات العدسات و لايفات وسيلفيات الميديا مع من اوعزوا له بحُتْمٌيَةِ مشروعيتها ومنح رشدي الامل والدعم اللازم لتحقيقها بّرَسِمٌ الُطِرَقً الُوَرَدِيَةِ الُمٌْعبّدِةِ وَالُقًصّيَرَةِ لُلُوَصّوَلُ الُيَُها ..  
في كِلُ ظهور ( لرشدي الُجْلُابّيَ ) في الميديا محتفيا باحلامه ومنتشيا ببؤرة اضوائه مع من استمالوه يكرر بمحض ارادته واحيانا باذعان اخرين بانه لن يرجع مٌجْدِدِا الي ود موسي والي مسقط راسه .. تكرار هذه العبارة فيما يشابه الحنث باليمين بصم عليها عشر مرات عازما وجازما بعدم العودة والبقاء في زٌُخمٌ الاضواء المبهرة بّشٌِخصّيَةِ رَشِدِيَ الُجْلُابّيَ مادام حيا ..

تذكرت حُيَنَُها بطل قصة اسطورة الادب العالمي مصطفي سعيد في روايته الُرَائْعةِ ( موسم الهجرة الي الشمال ) الذي اوعز للكثير من الحالمين العالقين في مختزل ما رمي اليه المؤلف ان حقيقة الاشياء تبدو اجمل في اصلها ومنبت جذورها وليس بتزييفها وتزيينها وصبغها بازهي الالوان ..

اذن خذوا اليكم رشدي الجلابي واتركوا الفتي احمد الرشيد الزبير في حاله ودعوهو يتلمس خطاه ويبحث عن ذاته ويتطلع الي تحقيق احلامه ويبني امجاده بنفسه وبعيدا عن رافعاتكم ومصاعدكم الكهربائية ووعودكم المزعومة ..

 فرجل الاعمال المعروف والراسمالي الراحل بابكر حامد موسي لم يعتل منصاتكم ولم يعبر متاهتكم حتي صار (ود الجبل ) ..
 بل تنكب الطريق كتاجر شنطة حتي اصبح من بعد ايقونة للتجارة باعماله الشاخصة واستثماراته الشاهقة الضخمة التي لاتخطئها عين ..

تعليقات